
ترك فضيلته موسوعة متكاملة في تفسير الآيات العلمية في القرآن الكريم والتي أسماها (لمحات علمية وقطوف تفسيرية) وهو عن التفسير العلمي لعدد 102 آية من القرآن الكريم على ترتيب المصحف. ووضع فيها خلاصة علمه في مجال الإعجاز طوال مسيرة حياته – مع تعرضه للكثير من الآيات والمسائل التي لم يتعرض لها سابقيه – والتزم في جميع الآيات بتطبيق المنهج العلمي الذي ألزم به نفسه في جميع انتاجه العلمي.
مقدمة الكتاب
لا خلاف في المنهج بين مفسري اليوم للآيات الكونية ومفسري الأمس؛ سوى تَجَلِّي بعض خفايا الخليقة بعد اكتشاف المنظار والمجهر وتطور وسائل الرصد, لتسطع البينة على أن هذا القرآن هو الحق, ولو كان مُفَسِّرِي الأمس مُعَاصِرِين لَسَارَعُوا إلى تفسير الآيات الكونية بالحقائق العلمية, فقد فاضت كتبهم ومن سار على دربهم بوجوه من الإعجاز في القرآن الكريم.
قَالَ الْفَخر الرازي: ""كَانَ عمر بن الحسام يقْرَأ كتاب المجسطي على عمر الْأَبْهَرِيّ فَقَالَ لَهما بعض الْفُقَهَاء يَوْمًا: مَا الَّذِي تقرأونه؟ فَقَالَ الْأَبْهَرِيّ أفسر قَوْله تَعَالَى {أفلم ينْظرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقهم كَيفَ بنيناها} فَأَنا أفسر كَيْفيَّة بنائها, وَلَقَد صدق الْأَبْهَرِيّ فِيمَا قَالَ؛ فَإِن كل من كَانَ أَكثر توغلا فِي بحار الْمَخْلُوقَات كَانَ أَكثر علمًا بِجلَال الله تَعَالَى وعظمته" , والمجسطي هذا كتاب قديم في الفلك والرياضيات ألفه بطليموس حوالي عام 148م في الاسكندرية, وترجمه إلى العربية حنين بن إسحاق العبادي في عهد المأمون حوالي عام 827م , فما بالك بالمجلدات اليوم المزدانة بمفاخر الكشوف ومآثر العلوم!.
وتأتي الملامح العلمية بعفوية وتلطف لا يلفت عن غرض الإيمان, ولا مجال لاستنباط وجه علمي بمعزل عن تفهم بديع أساليب البيان, والخشية من تغير الحقائق العلمية مع الزمن حرص محمود؛ لكن الحقائق ثوابت لا تتغير مع الزمن كظلمة البحر العميق, والقول بأن الاجتهاد قد يصيب وقد يخيب صحيح؛ ولكن حرص المتضلعين بعلوم اللغة والشريعة والطبيعة كفيل بالتصويب.
والتفسير بالعلوم يُوَضِّح ما انتظرته الأيام ليتجلى ويسطع ويتحقق وعد جازم: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ. وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ ص:87و88, ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ 41فصلت:53, ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ 27النمل:93, ﴿وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ. لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ 6الأنعام:66و67, ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾ 10يونس:39, ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ. وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ 38ص:87و88.
